رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن إستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن شهر شعبان وحال رسول الله صلي الله عليه وسلم في شهر شعبان، فروي عن أبي سلمة رضي الله عنه قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت ” كان يصوم حتى نقول قد صام ويفطر حتى نقول قد أفطر، ولم أره صائما من شهر قط، أكثر من صيامه من شعبان كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلا ” وكما روي عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشهر من السنة أكثر صياما منه في شعبان” وأما عن فضل صيام التطوع فقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ” لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ” وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله مرني بعمل ينفعني الله به قال “عليك بالصوم فإنه لا عدل له “وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” عليك بالصيام فإنه لا مثل له” وعن حذيفة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من خُتم له بصيام يوم دخل الجنة ” وقال الإمام المناوي في تفسير الحديث ” أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه دخل الجنة مع السابقين الأولين، أو من غير سبق عذاب” وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه، قال فيشفعان ”
وإن من نعم الله على عباده أن جعل لهم مواسم للخير، فيها يزيدون من أعمالهم، وفيها يتقربون لخالقهم ومولاهم، وقد أظلنا يا كرام بعض من هذه النفحات، ودخل علينا بعض من هذه البركات ولعل أحد أبرز هذه النفحات والبركات هو شهر شعبان الفضيل ولنا مع هذا الشهر وقفات عديدة ومهمة، ولعل أول هذه الوقفات هي أن شهر شعبان هو شهر الإستعداد وشهر التهيئة وشهر الترويض وشهر التدريب، وشهر التمرين، وشهر التأهيل التربوي والرباني والتعبدي، وعلى المسلم أن يجعل من هذا الشهر دورة تأهيلية لشهر رمضان، فيحرص فيها على الإكثار من قراءة القرآن، ويحرص فيها على الصدقة والبذل، ويحرص فيها على إطعام الجوعى، ويحرص فيها على مد يد العون والمساعدة.
ويحرص فيها كذلك على كثرة الصيام، ويجعل هذا الشهر الذي يغفل عنه كثير من الناس بمثابة دفعة قوية، وحركة تأهيلية لمزيد من الطاعة والخير في رمضان حتى اذا ما دخل عليه رمضان كان أكثر الناس إقبالا، وأكثر الناس تعبدا، واكثر الناس طاعة، وأكثر الناس نشاطا، وأكثرهم حماسا وروحانية، وأكثرهم حرصا على طرق أبواب الخير جميعها، أما إذا هجمنا على رمضان بلا إستعداد، وبلا تهيؤ وبلا تدريب أو ترويض فإننا سنستقبل أيامه بعد ذلك بملل نفس، وبضيق صدر، وبقلة في الطاعات، وكسل في العبادات، ولا نزال نمنّي أنفسنا حتى نخرج من هذا الشهر، ولذلك كانت توطئة النفس لقبول أمر الله عزوجل من أعظم الأمور.
رب منعته الطعام والشهوة فشفعني فيه